لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
148368 مشاهدة print word pdf
line-top
المسائل التي يحتاج إليها الناس معلومة عند الخاصة والعامة

يقولون: ونحن نعلم أن عامة ما يضطر إليه عموم الناس من الاختلاف معلوم بل متواتر عند العامة أو الخاصة، ما يضطر إليه الناس من الأمور فإنها تكون معلومة عند العامة والخاصة، الأمور الضرورية ولو كان فيها اختلاف يتناقلها المسلمون كما في عدد الصلوات ومقادير ركوعها ومواقيتها، وفرائض الزكاة ونصبها، وتعيين شهر رمضان، والطواف والوقوف ورمي الجمار والمواقيت وغير ذلك، هذه يضطر عموم الناس إليها وإذا كان فيها شيء من الاختلاف فإنه من باب التوسعة.
وذكروا أن الإمام أحمد جاءه رجل وكتب بكتاب كتب فيه اختلاف العلماء في الأحكام وسماه الاختلاف فقال له أحمد لا تسمه الاختلاف سمه السعة يعني التوسعة، يعني في هذا الاختلاف توسعة على الأمة ، يعني هناك مثلا اختلاف في عدد ركعات قيام الليل، واختلاف في عدد ركعات صلاة الضحى، وكذلك اختلاف في مقدار الركوع والسجود والقيام والقعود طويلا أو كثيرا، اختلاف أيضا في مواقيت بعض الصلوات تقديما أو تأخيرا، اختلاف في الزكوات فرائضها ونصبها، يعني هذا اختلاف بين الفقهاء، وكذلك تعيين شهر رمضان يعني اختلاف في دخوله وخروجه، اختلاف في الطواف، الطواف بالبيت يعني من أين يبتدئ، والاختلاف في بعض شروطه، اختلاف في الوقوف في منى في عرفة واختلاف في رمي الجمار، واختلاف في مواقيت الحج، فهذه الاختلافات من اختلاف الفقهاء الذي هو من باب التوسعة.

line-bottom